الوباء الذي أودى بحياة ما يقارب 30 ألف مُسلم من بينهم عدد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف تعامل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه معه وكيف حدّ من انتشاره ؟
في عام 17 هـ أراد عمر بن الخطاب أن يزور الشام فخرج ومعه المهاجرون والأنصار، وبعد أن اقترب من مشارف الشام لقيه أمراء الأجناد فأخبروه أنَّ الأرض سقيمة، وأن الطاعون بالشام، فشاور عمر رضي الله عنه أصحابه وقرر العودة ..
وبعد انصراف عمر بن الخطّاب اجتاح الشّام طاعون أودى بحياة نصف المسلمين فيها، قيل أن عددهم 25 ألفا وقيل 30 ألف مسلم من بينهم عدد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
كان من بينهم أبو عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، ويزيد بن أبي سفيان، والحارث ابن هشام، وسهيل بن عمرو، وعتبة بن سهيل، وشرحبيل بن حسنة، وأبو جندل سهل بن عمر وأبوه، والفضل بن العباس بن عبد المطلب وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين .
جميعهم لم يموتوا في فتوحات ومعارك خاضها المسلمون وإنما كان العدو طاعونا فتّاكا عُرف باسم "طاعون عمواس" وعمواس هي قرية تقع في فلسطين ومنها كانت بداية الطاعون لينتشر في الشام بعدها ..
ولكن كيف بقي المرض في أرض الشام وانتهى فيها ولم ينتشر إلى بقاع أخرى؟ ماهي الإجراءات التي اتخذها عمر بن الخطاب رضي الله عنه للحد من انتشار هذا المرض؟
- كان أول إجراء هو العمل بقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها ) فلا دخل أحدٌ الشام ولا خرج منها، فتم حصر المرض فيها ولم ينتشر لبقية مناطق المسلمين ..
- الإجراء الثاني كان أشبه بالحجر الصحي، إذ أصدر عمر بن الخطاب أمره لوالي الشام عمرو بن العاص بعزل الناس عن بعضهم وعن مناطق تفشّي الطاعون .. لذلك يُقال بأن المسلمين هم أول من طبّق الحجر الصحي.
- الإجراء الثالث هو توجيه عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص بالصعود بالناس ممن لم يُصبهم المرض للجبال، لأن المرض لا ينتشر هناك فخطب فيهم قائلاً : "أيها الناس، إن هذا الوجع إذا وقع فإنما يشتعل اشتعال النار، فتحصنوا منه في الجبال" وباتباع هذا النهج استطاع المسلمون القضاء على ذلك المرض الذي شكّل خطورة كبيرة على المسلمين وأودى بحياة الكثير منهم وبينهم كبار الفاتحين المسلمين.
كان تعامل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مع المرض تعاملاً يدرّس في كيفية مواجهة الأزمات والأمراض، فالإبتعاد عن أماكن تفشي الوباء ومحاولة تدارك انتشاره وتطويقه هو من فقه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب في التعامل مع الأوبئة والأمراض.
إرسال تعليق